المر وحمادة يتبلغان بارتباط محاولة اغتيالهما بجريمة الحريري
قتيلان في انفجار عبوة ناسفة كان يحاولان زرعها شرق بيروت
بيروت ـ جورج شاهين
قال مرجع امني لبناني لـ"العرب اليوم" ان القتيلين اللذين انفجرت بهما عبوة ناسفة في موقف للسيارات بين منطقتي انطلياس وجل الديب، شمال العاصمة بيروت، كانا يعدّان العبوة لدى انفجارها، وسط تضارب في الأنباء بشأن نوعيتها وسبب إنفجارها، أو تفجيرها. وفي وقت أكدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أنه ليس صحيحاً أنها خاضعة لتأثير بعض الدول، وأنها لن تدين سوى الأشخاص الذين تثبت إدانتهم، أرسلت موفدين إلى لبنان، والتقوا الوزيرين السابقين إلياس المر ومروان حمادي والإعلامية مي شدقياق، الخميس، وأبلغوا الأول والثاني بأن محاولة اغتيالها قبل سنوات مرتبطة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
وأبلغ المرجع "العرب اليوم" بهوية قتيلي انفجار انطلياس، وقال انهما كانا يعدان العبوة في المنطقة قبل انفجارها، لافتا الى انها المرة الأولى التي "نكتشف فيها منذ اللحظة الأولى منفذي الجريمة رغما نهما قتيلان لكن التحقيقات ستنطلق من موقع متقدم".
وافاد المرجع ان "القتيلين لبنانيان وجنوبيان ومن سكان الضاحية الجنوبية، وهما احسان نايف نصار من من مواليد بلدة كفرحونة الجنوبية ومن مواليد العام 1973، والثاني احسان علي ضيا من مواليد بلدة بافلية الجنوبية ومن مواليد العام 1965، واستخدما سيارة شقيق ضيا مازن وهي من نوع ‘بي ام ف اكس 5’ تحمل الرقم 278458 مسجلة على ان مالكها من سكان حي معوض في الضاحية الجنوبية".
وقال المرجع ان العودة الى حركة الإتصالات التي اجراها القتيلان من هاتفيهما الخلوي تدل على اشياء عديدة قد تنير التحقيق.
وتفقد مكان الإنفجار ممثل الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وقائد الدرك العميد صلاح جبرا.
وتبين من التحقيات الأولية ان انفجار العبوة وقع أثناء زرعها على الأرض في بورة الى جانب الطريق ما بين عدد من السيارات ليتم تفجيرها في وقت لاحق بأحد الشخصيات التي تقطن المنطقة او تعبرها بشكل منتظم.
كما تبين ان الإنفجار وقع في ما كان القتيلان في حال القرفصاء بدليل ان الإنفجار قطع رجلي أحدهما ويدي الآخر. وتعذر بداية التعرف الى أحد القتلى رغم العثور على بطاقة مصرفية لم يثبت انها عائدة له ويدعى حسن نصار وقد قطعت يده في هذا الانفجار. كما عثر بجانب الإنفجار على سيارة "bmw إكس 5" تخص مازن علي ضيا شقيق أحد القتيلين، وأشيع أنه من سكان حي ماضي، في الضاحية الجنوبية، ورُجح أنه كان يستخدمها في تلك الأثناء.
وافيد بداية ان الإنفجار استهدف أحد القضاة في مجلس شورى الدولة ألبير سرحان. لكن سرعان ما تبين ان السيارة التي كانت تعبر المنطقة بالصدفة تضررت بفعل الإنفجار هي لنجله، وهي من نوع نيسان مورانو تحمل الرقم 29592، ولم يصب بأذى واقتصرت الأضرار على الماديات في السيارة. وفور وقوع الإنفجار اتخذت القوى الأمنية سلسلة من التدابير الأمنية وقطعت الطرق وتوجه قادة الأجهزة الأمنية الى المنطقة وقضاة التحقيق وبوشر التحقيق في الحادث.
وبالتزامن توجهت سيارات الصليب الأحمر الى المنطقة ونقلت أحد الجرحى الى مستشفى ابو جودة وهو مصاب بنوبة قلبية وآخر الى مستشفى الأرز.
وفد المحكمة الدولية
في اليوم الأخير من المهلة التي كانت معطاة للجانب اللبناني بعد إصدار الدفعة الأولى من مذكرات التوقيف الأربعة التي طلبها مدعي عام المحكمة القاضي دانييل بلمار، أبلغ وفد من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الخميس، نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع السابق الياس المر والوزير السابق مروان حماده عن الترابط الثابت بالتحقيقات بين جريمتيهما بقضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه كما جريمة الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، وعدم ترابط قضية الزميلة الصحافية مي شدياق بها.
واكد الوفد، الذي التقى المر وحمادة وشدياق في مكتب النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا وفي حضوره، ان المحكمة ستعلن قريبا القرار في القضايا المرتبطة بقضية اغتيال الرئيس الحريري، وهي محاولتي اغتيال المر وحماده، وجريمة اغتيال جورج حاوي، ومدى علاقة المطلوبين الاربعة بكل من هذه القضايا.
وعلم "العرب اليوم " ان المحكمة الدولية ولجنة التحقيق تثبتت من مشاركة ثلاثة من المتهمين الأربعة باستثناء اسد صبرا في محاولة اغتيال المر بعدما كانت التحقيقات التي أجرتها أجهزة المخابرات اللبنانية التي كانت اول من كشفت بعد شهر على المحاولة عن تورط كل من مصطفى امين بدر الدين، سليم جميل العياش وحسين حسن العنيسي في محاولة اغتيال المر .
وبعدما استمع اليه وفد المحكمة عند العاشرة والثلث قبل الظهر لمدة ساعة، صرح المر للاعلاميين ، إنه لن يتخذ صفة الادعاء الشخصي، وان وجوده اليوم في قصر العدل لم يكن لولا وجود حلقة مترابطة بفرضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانه سيصدر قريبا عن المحكمة قرار في شأنه وانه مستعد لتوكيل محامين لذوي الشهداء الذين استشهدوا معه".
وعند الساعة الثانية عشرة إلا ربعا استمعت اللجنة الى افادة حماده، الذي أوضح ان معاون النائب العام التمييزي القاضية جوسلين ثابت ومعاون المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان واثنين من معاونيه استمعوا الى افادته، وقال: "ان التحقيق يتقدم والمحكمة آتية. واتخذت صفة الادعاء الشخصي امامهم وانا ادعيت على مجهول منذ اول تشرين الاول 2004 والتحقيق تقدم تقدما ملموسا جدا والمحكمة آتية".
بعد ذلك، استمع الوفد الى افادة شدياق، التي قالت إثر خروجها في الثانية والثلث إن قضيتها ليست مرتبطة بقضية اغتيال الرئيس الحريري، "بل هناك ثلاث قضايا مرتبطة هي محاولة اغتيال كل من الوزيرين السابقين المر وحماده"، ولم تفصح عن القضية الثالثة.
وتبين لاحقا أنها اغتيال جورج حاوي، وان المحاكمة ستجري في القضايا الاربع معا، ليس واحدة بعد الاخرى، وستعلن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قريبا القرار في كل هذه القضايا.
وفي هذا السياق، أصدر رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، القاضي أنطونيو كاسيزي، أعلن فيه أن السلطات اللبنانية أبلغته "أنها لم تتمكن من تبليغ قرار الاتهام الذي صدّقه قاضي الإجراءات التمهيدية لدى المحكمة (دانييل فرانسين) في 28 حزيران/يونيو 2011 إلى المتهمين شخصيًا، ولا حتى توقيفهم"، مشيرا إلى أنه يدرس حالياً تقريرها.
وفي الوقت نفسه، قال إنه "على ثقة أنها ستستمرّ في التعاون مع المحكمة وفي مواصلة البحث عن المتهمين، وفقًا للموجبات المنصوص عليها في المادة 15 من المرفق بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1757 (2007)".
وأشار إلى أن "الخطوة التالية التي تنص عليها قواعدنا للإجراءات والإثبات قد تتطلب منّا إعلان قرار الاتهام المصدَّق على نطاق أوسع. وقبل اتخاذي قرارًا بشأن هذه الخطوة، أرغب في التوجّه مباشرةً إلى المتهمين، وأسرهم، وشركائهم المقربين منهم، وكذلك إلى الجمهور اللبناني". وقال إن المحكمة الخاصة بلبنان "أُنشئت لتحقيق العدالة بصورة منصفة ومناسبة. وجميع موظفي المحكمة يعملون بكامل الاستقلالية والحياد. والزعم بأننا خاضعون لتأثير بعض الدول أمر باطل"، في رد ضمني على اتهام حزب الله لكاسيزي أنها صديق مقرب لإسرائيل وللمحكمة الدولية بأنها إسرائيلية وأميركية.
وأكد كاسيزي "إننا نعمل فقط خدمةً لمصلحة لبنان، ودافعنا الوحيد هو إقامة العدالة. فهدفنا فقط كشف الحقيقة وراء اغتيال الرابع عشر من شباط/فبراير 2005 (الذي استهدف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري) والقضايا الجزائية الأخرى التي قد تكون متلازمة معه".
وأكد أن المحكمة تراعي في ذلك "أسمى معايير القانون الجنائي الدولي. وبالنسبة إلى الجمهور اللبناني، تعني هذه المهمة أن عملنا سيساعد على إنهاء اللجوء إلى الاغتيالات في إطار النزاعات السياسية اللبنانية، ووضع حد للميل إلى عدم المُساءلة، ما يؤدي في الواقع إلى استمرار الحلقة المفرغة للاغتيالات وانعدام الاستقرار".
وتابع "وبالنسبة إلى المتهمين، تعني مهمّتنا أننا سنجري المحاكمات بالاستناد إلى قرينة ثابتة لبراءة المتهمين. ولن تُدين المحكمة أبدًا أي شخص إلا إذا ثبتت مسؤوليته بدون أدنى شكّ معقول". ونوه إلى أن رئيس مكتب الدفاع يعيّن، في غياب المتهمين، "أفضل المحامين لتمثيلهم أمام المحكمة، غير أن خير ضمانة لمحاكمة نزيهة وعادلة هي المشاركة الفعالة للمتهم. وعليه، أحثّ جميع المتهمين على المثول أمام المحكمة. وإذا كنتم لا ترغبون في الحضور إلى المحكمة شخصيًا، من الممكن، في حال اتُبعت الإجراءات المنصوص عليها في قواعدنا، المثول أمامها بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة، أي المشاركة في الإجراءات من دون الانتقال شخصيًا إلى لاهاي".
وأردف أنه "في جميع الأحوال، يجدر بكم، كحدّ أدنى، تعيين محامٍ يمثّلكم وإعطائه توجيهات(...) وإذا تعذّر عليكم دفع أتعاب هذا المحامي بأنفسكم، فقد خُصصت موارد مالية كبيرة في ميزانية المحكمة لضمان الدفاع عن الأشخاص المتهمين. ويمكنكم استعمال هذه الموارد لتعيين أفضل المحامين والخبراء، بهدف إجراء تحقيقاتكم الخاصة ومتابعة نظرياتكم في القضية. وفي قدرتكم ممارسة كل حقوقكم في الدفاع من خلال توجيه محامٍ من اختياركم. وإذا لم تعيّنوا محاميًا بعد، لكم أن تتّصلوا مباشرةً برئيس مكتب الدفاع التابع للمحكمة للحصول على قائمة بأسماء محامين مستقلين من ذوي الكفاءات العالية(...)".
وقال "أذكّر كذلك جميع المتورطين في تلك الجرائم الإرهابية في لبنان أن لا شيء، بل لا شيء إطلاقًا، قد يحيد المحكمة عن مهمتها أو قد يمنعها من الاضطلاع بها. فالأهداف النبيلة التي تستند إليها المحكمة (أي المساءلة، وإقامة العدالة للإسهام في إرساء السلام والمصالحة على المدى الطويل، وضمان حقوق المتضررين) مكرّسة في نظامنا الأساسي وقواعدنا ومحمية بعناية فائقة من طرف القضاة. ولا يمكن التغاضي عنها بجرة قلم، أو بكلمات بليغة، أو حتى باللجوء إلى العنف".
وأكد أن "لا رجوع عن مسيرة العدالة، وسنتوصّل إلى المحاكمة بصورة أو بأخرى. لذا، أناشد المتهمين الاستفادة من الخيارات القانونية الواسعة النطاق التي تمنحها قواعدنا للإجراءات والإثبات، وبذلك الإسهام في كشف الحقيقة وإقامة إجراءات عادلة".