تفجير مركز المارينز فى بيروت .. وتـجسس المخابرات الإسرائيلية على مصر

المخابرات الإسرائيلية أخفت عن المخابرات الأمريكية قصة الرجل كبير السن في تفجيرات المارينز
الإدارة الإمريكية تضغط على الحكومة المصرية لعدم الكشف عن شبكة تجسس اسرائيلية عليها..
المستشار العسكري الإسرائيلي في القاهرة جاسوس يقود شبكة للتجسس ضد مصر..!!
في هذه الحلقة نغوص في دنيا المخابرات العالمية في صراعها مع الدول ما ينتج من هذا الصراع من عمليات تجسس وتجسس مضاد وأحداث تطفو على السطح وفي الأخبار العالمية بينما خطوط التحرك لهذه الأحداث تقوم به أجهزة خاصة ومجموعات مدربة في الظلام أنها دنيا غريبة بإسرارها وأحداثها نأخذ منها هذه الحلقة المثيرة.
تفجير مركز المارينز :
بعد ستة أيام اكتوبر 1982م يوم الأحد حوالي الساعة السادسة واثنين وعشرين دقيقة صباحاً بتوقيت بيروت تقدمت شاحنة مرسيدس كبيرة صفراء اللون باتجاه مركز قيادة مشاه البحرية في لبنان وانفجرت وكان فيها 12 ألف رطل من مادة (تي . أن . تي) الشديدة الأنفجار وقتلت 241 عسكرياً أمريكياً.
منذ أكثر من سنة وفي يوليو 1982م كان أحد التقديرات قد حذر أن قوات حفظ السلام في لبنان قد تواجه مشاكل سياسية وعسكرية عسيرة وتبين لكايسي أن وكالات الإستخبارات قد أمنت أكثر من مائة تحذير من تفجير سيارات مفخخة في الأشهر الستة التي سبقت انفجار السفارة الأمريكية . والأسوأ من ذلك أن كايسي قد أرسل بعض ضباط المخابرات المركزية بعد إنفجار السفارة لإجراء تحقيق وأنهم الصقوا التهمة بالمخابرات السورية بغية الحصول على اعترافات مما أدى إلى وفاة أحد المشبوهين . كان يجب طرد هذا الضابط

لأنه جعل التحقيق دون فائدة ولم يثبت أن للمخابرات السورية أية مسئولية أو مشاركة في عملية تفجير مقر المارينز في بيروت.
كان موت هذا العدد الكبير من العسكريين الأمريكيين صدمة كبيرة سياسية ووطنية وعاطفية للإدارة . طلب كايسي من الموساد والمخابرات العسكرية الإسرائيلية المساعدة في التحقيق . القسم السري (40) وهو منسق المخابرات المتعلقة بالأرهاب ركز عـــلى الموضوع .
معلومات مهزوزة
عقب تفجير مركز المارينز الأمريكي والقيادة العسكرية الفرنسية في بيروت ارسلت المخابرات الإسرائيلية إلى المخابرات الأمريكية معلومات جمعتها ورتبتها تتحدث هذه المعلومات عن ارتباط مقاتلي الموت الإنتحاريين في بيروت بإيران وسوريا ومن ضمن هذا المعلومات.
تقديم مبلغ 150.000 (مائة وخمسون ألف دولار )من رجل مال لبناني غير معروف .
تعتقد الموساد أن ضابطاً من دولة مجاورة برتبة مقدم قد شارك في التخطيط للهجوم.
تداعي الموساد أنه تمت ملاحقة رجل كبير السن يرتدي رداءاً بنياً ويضع عمامة سوداء على رأسه شوهد يتجه إلى مركز من المراكز السوفيتية في دمشق حيث قدم شرحاً عن التحضير للهجمات الإنتحارية قبل التفجير بثلاثة أيام . ولو كانت معلومات المخابرات الإسرائيلية صحيحة فلماذا لم تخبر المخابرات الأمريكية صاحبة الفضل عليها وهي التي تزودها بالمعلومات التي تتوفر لها أول بأول .
كما استطاعت المخابرات الإسرائيلية تحديد 13 شخصاً مسؤولين عن تفجير مقر المشاة الأمريكيين وتفجير مركز القيادة الفرنسية في بيروت الذي حدث في نفس النهار وأدى لمقتل 58 جندياً من البحرية الفرنسية.
تأثر كايسي بهذه الأدلة ولكن خبراء مديرية العمليات كانوا أقل تأثراً ومن ضمنهم رئيس فرقة الشرق الأدني تشارلز كرغان وديك هولم وهو ضابط عمليات كبيرة قالوا أن المصادر البشرية يحتمل ان تكون جيدة ولكن لا يوجد أي وسيلة للتأكد ... كان في التعابير العامة شيء من الصحة إلا أنه على حد قول هولم لا توجد بندقية مدخنة وذكر بأن المسؤولين الكبار الذين قيل أنهم تورطوا لهم غطاء دبلوماسي ويستعملون البريد الدبلوماسي والحقائب الدبلوماسية في إتصالاتهم.
تجسس إسرائيل على مصر :
في باريس كشف تقرير دبلوماسي غربي عن ضغوطات تمارسها الإدارة الأمريكية على الحكومة المصرية لعدم كشف عن شبكة التجسس الإسرائيلية التي تم ضبطها مؤخراً في القاهرة والتي تبين أن المستشار العسكري للسفارة الأسرائيلية في القاهرة هو الذي يرأسها . وضمت الشبكة عدداً من الإسرائيليين بالإضافة إلى سويدي وأمريكي وثلاثة من المصريين أحدهم يعمل باحثاً في السفارة الإسرائيلية والثاني بهيئة المعونة الأمريكية والثالث موظف سابق في وزارة الدفاع المصرية.
وكان قد ضبط في حوزة الشبكة محطة إرسال واستقبال لاسلكية متطورة وآلات تصوير متقدمة باستخدام أشعة الليزر ورسائل قلمية تغطي أنشطة عسكرية ووحدات عسكرية مصرية كانت معدة للبث إلى تل أبيب بالإضافة إلى وثائق عن تحركات الجماعات الأصولية.
كما تبين أن الشبكة مكلفة بتقديم رسائل يومية عن الأوضاع المصرية على مختلف الأصعدة العسكرية والإقتصادية والإجتماعية إلى تل أبيب وأنه إضافة إلى محطات الإرسال فإن السفارة الإسرائيلية في القاهرة استخدمت حقائبها الدبلوماسية في نقل أفلام وتقارير الشبكة إلى إسرائيل . تبين أن الشبكة تمارس نشاطها في مصر منذ أكثر من خمسة أعوام.
التقرير الدبلوماسي أكد أن عمليات القبض على هذه الشبكة هي بمثابة رسالة تحذير للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية بأن لدى أجهزة المخابرات المصرية معلومات تفصيلية عن عدد آخر من شبكات التجسس التي تم زرعها في مصر خلال الأعوام الماضية وأنها ستلقي القبض على هذه الشبكات وتعلن تفاصيل تحركاتها وأسماء الفاعلين فيها . إذا لم تكف السفارة الإسرائيلية من نشاطها الإستخباري الذي تصاعد خلال الأونة الأخيرة .
عملية للمخابرات الإسرائيلية:
أورد الكاتب قصة مثيرة لعملية للمخابرات الإسرائيلية تعمل بين القاهرة وباريس .. جاسوسة على مستوى ثقافي جيد جندتها المخابرات الإسرائيلية ، مصرية تحمل الحقد في داخلها ذهبت إلى باريس للدراسة والأبتعاد عن مصر فتم تجنيدها من قبل الموساد للعمل ضد وطنها .. عادت إلى القاهرة تحمل المال الحرام وبدأت التحرك أوالتجسس من أرقي نادي إجتماعي معروف هو (نادي الجزيرة ) فأسست شبكة تجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية وصفتها جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل فيما بعد بأنها (قدمت لإسرائيل من الخدمات أكثر مما قدمه زعماء إسرائيل أنفسهم).
السفير المصري عيسى سراج الدين أحد الضباط الأحرار من زملاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي وصل إلى مرتبة (وكيل لوزارة الخارجية المصرية) سمحت له مواقعه الدبلوماسية التي عاشها ومكانته التي شغلها في التعرف والإطلاع على تفاصيل دقيقة وخطيرة من وقائع تجنيد الموساد لها لغاية كشفها.
جاسوسة والدها وكيل وزارة
الجاسوسة هبة سليم والدها وكيل وزارة وهي عضو في نادي الجزيرة وتعيش في باريس بحجة الدراسة . وعملت للموساد بدون مغريات مادية كبيرة.
ضابط شاب وسيم وقع في غرام فتاة مصرية كان قد تعرف عليها في أشهر نادي رياضي اجتماعي نادي الجزيرة وتوطدت علاقتهما في جو النادي الساحر . الفتاة مثقفة ووالدها وقتئذ يعمل وكيلاً لإحدى الوزارات ومنتدباً للعمل في ليبيا.
المناقشات بين الفتاة والضابط تطورت إلى مستقبل حياتهما وكيفية تدبير الموارد الكفيلة للعيش في راحة واطمئنان وسط جو الحرب الذي يخيم على المنطقة . ويشعر به المصريون بدرجة كبيرة .. لا يهيء لهما تحقيق أحلامهما ..
الفتاة تفضل العيش في أوربا أن أمكن إذا ما تهيأ لها المردود المالي المناسب..
هكذا أندلعت أول شرارة في قصة الجاسوسة المصرية هبة سليم .
تجسس عن قناعة :
خطاب بالبريد وأبريال راديو وشقة فارغة ويقظة المخابرات المصرية كشفت شبكة تجسس هبة سليم في القاهرة.
جاء في إعترافاتها أمام محققي المخابرات المصرية بعد القبض عليها بأنها ذكرت للضابط المصري الشاب استحالة أن ينتصر العرب على اسرائيل. مع هذا التسلح الأمريكي والأوروبي الكبير لإسرائيل ودعمها في جميع المجالات مقابل الخلافات والعدوات والتمزق العربي وأن هذه الحقائق من الواجب مواجهتها والإعتراف بوجودها وترتيب حياتهما على أساسها.
يجدر بالذكر أن تجنيد إسرائيل لهذه الفتاة تم في باريس حيث كانت تدرس عن إقتناع قوى منها بهذه الأفكار ولا توجد مغريات مادية أو عاطفية أثرت فيها وأغرتها للعمل لصالح إسرائيل فالفتاة وثقت تماماً فيما قيل لها عن قدرات اسرائيل الخارقة للعادة وتفوقها ونفوذها العالمي . وأنه لا يمكن هزيمتها . كذلك قدرة إسرائيل على حماية أصدقائها وانقاذهم من أي خطر يتعرضون له في أي مكان في العالم . وصدقت الفتاة هذا الوهم وتشربته وعاشت فيه.
وحينما علمت هذه الفتاة بوظيفة الضابط المذكور وهي وظيفة هامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية زاد اهتمامها وتعلقها به . وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية وبالذات مواقع الصواريخ والجديدة وأي معلومات تشعر أنها مفيدة لإسرائيل .
ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم إهتموا بها إهتماماً يفوق الوصف.. وبدأوا في توجيهها إلى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها.
تدمير الصواريخ المصرية :
لاحظت القيادة العامة للقوات المسلحة والمخابرات العامة والحربية أن مواقع الصواريخ الجديدة تدمر بواسطة الطيران الإسرائيلي حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها ... وبالتالي فقد أدى ذلك إلى خسائر في الأرواح وتعطيل في تقدم العمل وانجاز الخطة التي وضعت لاقامة حائط من الصواريخ المضادة للطائرات وفي نفس الوقت وصلت معلومات للمخابرات من عملائها في الخارج بوصول معلومات متسربة من مصر.
في الحلقة القادمة
نواصل قصة أخطر جاسوسة مصرية قدمت لاسرائيل المثير.
وكيف توصلت المخابرات المصرية إلى الخيط الذي أوقع بها .
ما هي قصة الضابط المزدوج الذي جندته المخابرات المصرية.
وكيف كانت نهاية الضابط الشاب التي وافق عليها الرئيس السادات شخصياً ؟