نواكشوط ـ محمد أعبيدي شريف
أكد الناشط الحقوقي الصحراوي المُبعد في موريتانيا مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من مكان اعتصامه المفتوح أمام مكتب المفوضية السامية لغوث اللاجئين في العاصمة نواكشوط في حديث إلى "العرب اليوم" أنه يريد عودته إلى أهله وأبنائه، واعتبر "ذلك من أبسط حقوقه التي تكفلها القوانين والمواثيق الدولية المختلفة"، وأكد أن "الظروف التي اضطرته للاعتصام منذ أربعة أشهر ما تزال قائمة من خلال تجاهل المفوضية السامية لغوث اللاجئين لمطلبه المشروع في تسوية وضعيته بصفتها الجهة الإدارية المسؤولة عنه والتي منحتها بطاقة لاجئ"، التقيه "العرب اليوم" وكان معه هذا الحديث...
* من هو مصطفي سلمى سيدي مولود؟ وما هي أكبر المشكلات التي تواجهه اليوم؟
- مصطفى سلمي هو صحراوي وجد نفسه في موريتانيا بدون هوية وبدون جواز سفر وبلا منزل يقيه حر صيف ولا برد شتاء وبلا عمل، كان صحراويًا موظفًا ساميًا في سلك الأمن ولديه منزل " خيمة" وأسرة وأبناء في حاجة إليه وإلى العيش في كنفه وأمام عينيه، أصبحت في منفى في موريتانيا بلا حاضر ولا مستقبل حتى إنني عاجز عن رؤية أولادي، واليوم أرفض الاقتراح الذي عرضته علي المفوضية، لأنه لا يلبي مطلبي، لأنها اقترحت أن أذهب إلى "فلنلدا" التي أرى أنه من الصعب علي التكيف معها وأسرتي، لأنه حتى عامل اللغة سيكون حاجزًا كبيرًا أمامي وأبنائي، وسيكون صعبًا على أبنائي التكيف مع الثقافة والعادات والتقاليد الجديدة عليهم، وهل "يُراد لمصطفى سلمي أن ينسلخ من هويته وثقافته العربية "الحسانية"، فالصحراويون يوجدون في الجزائر وفي موريتانيا، ومصطفى من حقه أن يكون بين أهله، والبعض اليوم يقول مصطفي استبق الأحداث، فأنا لم أستبق أي حدث فمصطفى عبر عن وجهة نظره وهي تظل قابلة لنقاشات قابلة للتفاوض، فهو أحد الصحراويين الذين طالبوا بتقرير المصير ولست نادمًا على ذلك القرار.
"ومصطفي لم يأتِ بجديد، فمنذ العام 1991 والجبهة تطالب بذلك، فالشعب الصحراوي من حقه تقرير المصير، وأنا أحدهم، فمصطفى صحراوي مُسجل لدي أسبانيا، وأثبتت الأمم المتحدة صحراويته فبأي حق أُمنع عن التعبير عن حقي؟ كما أن الذين يتشدقون بالدفاع عن القضية الصحراوية يكذبون على الشعب الصحراوي، ونصبوا وتوجوا أنفسهم قادة عليه، وأكد أن "تجاهل المفوضية السامية لغوث اللاجئين لاعتصامه المفتوح يُعرض صحته للخطر، في ظروف مناخية صعبة"، معتبرًا "هذا السلوك منافيًا تمامًا لاتفاقية جنيف المتعلقة بوضعية اللاجئ وباتفاقيات حقوق الإنسان".
* ما هي أكبر العوائق التي تواجه مصطفى؟ وما هي الخطوات المستقبلية في نضاله بعد أن قضى ما يقارب من أربعة أشهر أمام المفوضية السامية لغوث اللاجئين؟
- أنا على يقين أنه إذا لم تتم تسوية قضيتي، فإنني سأقوم بما يمليه عليه ضميري وواجبي كأب يحن إلى فلذات كبده، ولو كلفني ذلك السجن أو أي شيء أخر، فالسجن أرحم، ويُمكن لأسرتي أن تزورني، وأنا الآن هنا في موريتانيا وأسرتي لا يمكنها أن تزورني حتى الإمكانات المادية لا تسمح لها، والمبلغ الذي يُمنح لها شهريًا لا يتعدى عشرة دولارات لا يسمن ولا يغني من جوع، فكيف يمكنها أن تتكلف ثمن زيارتي، وحتى لو جمعت أسرتي ذلك المبلغ لا يمكنها أن تحصل على تكاليف سفر أحدهم إلى نواكشوط، وأنا بعد تحليلي لوضعية الأطراف المعنية كلها بقضيتي أصبحت لدي قناعة أن المعنيين بالموضوع يتصرفون وكأنهم لا يعنيهم، كما أن السيدة المسؤولة لدى المفوضية السامية يوميًا تمر من أمامي وكأنني لا أهمهم ولست معتصمًا أمام مكتبهم، على الرغم من أنني أحمل بطاقتهم" بطاقة لاجئ" وإذا كانت المفوضية لا تحترم ما كتبت عليها فالأحرى بها ألا تمنحها لأي أحد ولا تطلب من الأخرين تنفيذ ما كُتب عليها، لأنها لا تحترم ذلك، كما أنني مندهش من حال المفوضية التي تمر من أمامي يوميًا متوجهة إلى منزلها لتجلس يوميًا مع أبنائها، وأحيانًا تأتي مع ابنتها وتمران من أمامي وتقول لها: سلمي على مصطفي سلمي وهي تعرف معني ذلك، معنى فراق الأسرة والأبناء، وحتى الساعة لم تكلمني، ولم ترد عل إيجابًا أو سلبًا، وأنا على استعداد أنه إذا لم يوجد حل نهائي لقضيتي، فإنني سأتخذ القرار الذي أراه مناسبًا ويقربني من أسرتي وأبنائي، بدلًا من أن أظل جالسًا ومعتصمًا على هذه الرمال، وربما "تقبرُني" قبل تسوية مشكلتي العالقة منذ ستة أشهر قضيتها في منزل في نواكشوط واليوم دخلت في الشهر الرابع من الاعتصام، كما أنه على المفوضية السامية أن تعرف أن دورها لم ينتهِ بمجرد أنها قدمت بي إلى موريتانيا، فمصطفى لن يستمر في هذا الوضع، مصطفى اليوم يسكن في الشوارع..مصطفي شُرد قصرًا وظلمًا، مصطفى يُمنع من أبسط حقوقه وهو اللاجئ، ويحمل بطاقة المفوضية ويعتصم أمامها ولا تحترمه، فكيف تطلب من الأخر احترامه؟ وما زلت أقرر مواصلة اعتصامي المفتوح أمام مكتب المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن يتم إيجاد حل لوضعيتي والمتمثلة في لقائي بأبنائي، وهو حق لن أتنازل عنه، وأدعوا من خلال "العرب اليوم" المنظمات الحقوقية والأممية والإنسانية جميعها أن تتحمل مسؤوليتها من أجل مساندتي في إيجاد حل لوضعيتي الحالية التي أصبح أحسن منها حال المتشردين في الشوارع.
* أيهما أرحم لمصطفى سلمي أيام الاعتقال في سجون البوليساريو أم المنفى واللجوء في موريتانيا؟
- وضعيتي الحالية أحب إلي منها السجن، على الرغم من أنني طوال فترة لجوئي في موريتانيا لم ألقى منها ومن شعبها إلا الخير، لكني أرى أنه في السجن لدى جبهة البوليساريو يمكن لأسرتي أن تزورني في أبسط الأحوال، و تلك الأيام التي قضيتها في السجن أرحم مما أعيشه الآن، على الرغم من أنني لم أكن سجينًا بل كنت "مختطفًا"
"وأنا أطالب الجمعيات الحقوقية والمدنية والمنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام الوطنية والدولية كافة بالوقوف إلى جانبي للدفاع عن قضيتي المشروعة والمتمثلة في الالتحاق بأبنائي"، وأناشد "الجميع الوقوف مع الحق وإنصاف أي مظلوم"، وبصفتي شخص بسيط عبر عن رأيه الذي تكفله له القوانين كلها ورجل يعرف القانون ويحترمه، أطالب "المفوضية السامية لغوث اللاجئين التي هي غير واضحة في طريقة التعامل معي أن تراعي الجانب الإنساني لحالتي المفروض التزامها به كمنظمة إنسانية".