شيخ القرية يعترف: في الحقيقة اقل من نصفنا جواسيس.. ومن جاءوا قبل الانتفاضة ليسو جواسيس
احد الجواسيس يقول: ان المنظمات تصفينا لاننا جواسيس صغار اما الكبار فهم ملء السمع والبصر??
?للكاتب سعيد الجزائري
إعداد: الفـــــــــوال
تصفية عملاء اسرائيل
لدى ابتداء الانتفاضة الفلسطينية الباسلة في عام 1987 بدأت الجماهير الفلسطينية اضافة للانتفاضة بتصفية عملاء اسرائيل ومخابراتها من الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم دون ان يقوى الجيش الاسرائيلي الذي كان مشغولا بالدفاع عن نفسه على حمايتهم فما كان من هؤلاء الجواسيس والعملاء بعد ان اشتدت تصفيتهم واصبحوا مهددين في كل لحظة سوى ان يحزموا امرهم على الهروب ويخرجوا بليل اسود متلفحين بالظلام مصطحبين معهم اسرهم وما خف حمله وغلا ثمنه متوجهين الى معسكرات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة طالبين الحماية.
رفض الجيش الاسرائيلي قبولهم وحاول ارهابهم للعودة الى بيوتهم (ليس من السهل ان يفقد هذا الجيش جواسيسه كلهم في ضربة واحدة خاصة ان بعضهم لم يكن قد كشف الستار عنه )لكن بعد فشل جميع المحاولات التي قام بها الجيش اصدرت القيادة الاسرائيلية اوامرها بجمع الجواسيس والمتعاونين في قرية(الدهينية) التي امتلأت بالجواسيس قام احد الصحفيين المصريين بزيارة قرية الجواسيس في غزة وكانت له هذه الرواية
الدخول لقرية الجواسيس
عزمت على محاولة اختراق النطاق الامني الكثيف المفروض على قرية (الدهينية) في قطاع غزة اتصلت بوزارة الخارجية الاسرائيلية اجابت الوزارة انها ليست على علاقة بالموضوع وادعى مدير العلاقات العامة انه لم يسمع بهذه القرية من قبل اتصلت بوزارة الدفاع واحالوني على الادارة المدنية الاسرائيلية وبعد محاولات حصلت على زيارة قرية الجواسيس بشرط موافقة العدة المختار شيخ اشتيوي وقد وافق المختار على مضض عندما اكدت له انني ارغب في ابراز الجانب الانساني للمأساة.
نقترب من القرية بعد ان وافق معاون المختار شجاع على مرافقتنا في الرحلة التي تستغرق 40 دقيقة بالسيارة من وسط قطاع غزة تتابعنا عيون الجالسين في عربات الامن على طول الطريق يتشاغلون عنا بالحديث او بقراءة الصحف على طريقة المخبرين في المسرحيات الهزلية المصرية نصل الى نقطة الالتقاء فنجد سيارة بها 4 من الشباب في بداية العشرينات تفحصونا في ريبة ثم اومأوا لنا في شك واضح وعدم ارتياح لنتبعهم نبدأ في الدخول الى ممر ضيق على جانبيه اشجار الصبار على جانب الممر حقول غير مزروعة تجعل اي زائر غير مرغوب فيه عرضة لمئات الطلقات لهؤلاء الذين يقبعون في انتظار المتطفلين غير المرغوب فيهم
لقاء مختار القرية
قابلني الشيخ اشتيوي مختار القرية قصير القامة هذا المختار تلمع اسنانه الذهبية من فمه احسست برائحة عطر غريبة تملا انفي عندما احتضنني مرحبا ليصحبني الى دار الضيافة يحيط بنا كل رجال واطفال القرية تقريبا.
انظر حولي وانا في الطريق الى دار الضيافة فاجد منازل من دور واحد كلها سابقة التصنيع يبدو ان الجيش الاسرائيلي اقامها على عجل
يبدا الحوار مع ما يقارب من 50 من اهل القرية الذين يبلغ عددهم طبقا لما يقول اشيتوي 500 نصفهم من الرجال والنصف الاخر السيدات والسادة: ابدأ الحوار في محاولة لكسر جبل الثلج الجاثم بيننا اقول للمختار: ما اخبار الزواج عندكم؟ احاول ان اشرح له مقصدي بعد اتسع فمه وارتفع حاجباه بشكل مثير للضحك واقول له : اعني هل مسموح لابنائكم وبناتكم بالزواج من خارج القرية؟
يفهم مقصدي ويقول والله هذه مشكلة فمنذ سنوات كان الاولاد اكبر عددا ولكننا استطعنا ان نحل المشكلة الح عليه مستوضحا ولكنه يلزم الصمت اجدها فرصة واقول جاهدا ان اجعله يبدو عفويا اقول: بالحق يا شيخ اشتيوي هذا بسبب ان اهالي غزة والضفة يعتبرونكم جواسيس لاسرائيل او معاونين لهم.
ينظر الرجل بريبة ويقول: هم يقولون ذلك ولكننا لسنا كذلك يتوقف قليلا ثم يقول: في الحقيقة اقل من نصفنا جواسيس وهم قدموا الى هنا بعد الانتفاضة .. اما النصف الاخر فليس كذلك.
اعترافات خطيرة
يبتلع ريقه ثم يقول: الدهينية اخذت سمعة انها تحمي الاشخاص المعرضين للخطر من الشعب الفلسطيني يتوقف قليلا ويقول بخبث عندما استوضحه: من جاءوا قبل الانتفاضة ليسو جواسيس فبعضهم من رفح استقر في الدهينية بعد ان طردهم الجيش الاسرائيلي من اماكنهم اما الاخرون فقد احضرهم الجيش خوفا عليهم خلال الانتفاضة
اقول له متسائلا: بما انك مختار القرية لم لم ترفض هؤلاء الجواسيس في قريتك طالما انكم لستم كذلك؟
يرد باقتضاب: نحن ننفذ الاوامر
اساله مرة اخرى: ولماذا لم تتركوا هذا المكان بعد ان استقر الجواسيس فيه؟
يتشاغل المختار بصينية القهوة عن الاجابة فاعود لسؤاله: وكيف تكسبون ارزاقكم؟
يرد بخبث: الذين جاءوا خلال الانتفاضة يتوجهون صباح كل يوم الى قرية (بيحات شالوم) في اسرائيل وهي تبعد عنا 15 كيلو مترا حيث يعملون في مزارعها اما الباقون فيعملون في الحقول هنا
اسأله: وماذا عن النساء؟ يرد على الفور: يعملن في الحقول الاسرائيلية ايضا ويجمعن البندورة
اوجه حديثي للجالسين حولي واقول مستفزا افهم من حديث المختار انكم جميعا ابرياء حضرتم الى هنا بمحض الصدفة السيئة ؟
يلزمون الصمت
لا.. انا جاسوس
يقطع الصمت الطويل شاب في حوالي الـ 35 من عمره ليقول: لا .. انا جاسوس اومئ بطرف عيني للزميل المصور محمد لطفي فيومض الفلاش ومرات ومرات احاول ان اشاغله واشاغل الرجل حتى يتم التقاط اكبر قدر ممكن من الصور
اقول له: يا رجل تتكلم جد انت مش شبه جاسوس ولا حاجة يحلف (فايز احجيرات) وهذا اسمه كما علمت منه عقب ذلك انه جاسوس بل ان اباه كان جاسوسا ايضا وانه يريد ابناءه الخمسة ليمشوا في نفس الطريق ... اضحك ويضحك الجميع اطلب منه ان يهدا ويبدا الحكاية من اولها يقول محاولا اظهار الشجاعة : انا من مخيم جباليا لي خمسة اطفال لم يكن لي عمل ساعدتني القوات الاسرائيلية في شراء سيارة اعمل عليها في مقابل ان ادلهم على من يعملون ضدهم في الانتفاضة نجحت في عملي حتى اصبح عندي 4 سيارات السيارة الرابعة جعلتهم يشكون بعد ان ظهرت علي اثار النعمة وفجأة وبعد ان بدأت الانتفاضة قامت المنظمات في احدى الليالي باحراق السيارات الاربع واحرقوا منزلي واحرقت يد ابني (يكشف عن ساعد طفله الذي يبلغ 5 سنوات) يحاول استدرار عطفي ويقول : ايرضيك؟ اصمت ويمضي في الحديث: على كل لست نادما انا انام ورشاشي تحت رأسي لا احد يستطيع ان يقترب مني اقاطعه: وماذا ستفعل بعد قدوم السلطة الفلسطينية.
يقاطعني المختار: اسرائيل سوف تضمن سلامتنا ولن يستطيعو ا الاضرار بنا!!
يقول فائز: لا لن انتظر هنا سادخل الى اسرائيل وساشترك مع قوات المستعمرين اتعرف اننا مطلوبون؟ انظر اليه بدهشة يقول دون ان ينتظر اجابتي: ان المنظمات تصفينا لاننا جواسيس صغار اما الجواسيس الكبار فهم ملء السمع والبصر ولا احد يقترب منهم
صائد الجواسيس
اغادر وجهة الجواسيس الى مكان اخر مع من اشتهر في القطاع بانه صائد الجواسيس الاسم احمد صبحي 27 سنة يقول بدات عملي في تصفية الجواسيس عام 87 مهمتي هي تصفية المتعاونين مع العدو اقاطعه بفارغ الصبر وكيف تحكم على فرد بانه عميل الا يمكن ان يكون الامر كله وشاية قد تودي بحياة برئ؟
يقول : لا.. نحن نختطفه ثم يعترف بجرائمه اقاطعه: طبعا يعترف تحت التعذيب(اتمكن من استفزازه) يخرج مسدسه وينظر الي ويقول: اتعرف سلاحا من هذا؟
اجيب بالنفي: انه سلاح الجاسوس صالح عاشور من دير البلح الذي قمت بتصفيته في الشهر الماضي
اسأله بتردد: اين؟
قال: وصلتنا معلومات انه نزل من القرية متخفيا الى سوق غزة لشراء سيارة يتوقف قليلا ويخرج كارنيها به صورة احد الاشخاص مكتوبا اسمه بالعبرية
اساله ما هذا؟
يقول هذا هو تصريح العمالة استوضحه فيقول: ان هذا التصريح يخول لصاحبه دخول اي مكان في اسرائيل ووجوده معه يؤكد عمالته وعندما وجدناه معه مخبا في مكان حساس بجسمه اضطر للاعتراف بجرائمه وبكى طالبا الرحمة
اسأله : وماذا فعلت السلطات الاسرائيلية عندما علمت باختطافه؟
اجاب مبتسما : بعد ان فشلت محاولات جميع اجهزتها على مدى 48 ساعة في العثور عليه اتصلت ببلدية غزة وخان يونس واعلنت عن استعدادها لدفع نصف مليون دولار نقدا وفورا لمختطفيه مع العفو التام عن هؤلاء المختطفين اقول له: هذا عرض سخي دون شك وماذا كان ردكم؟
قال اتصلنا تلفونيا بهم واخطرناهنم بالعنوان الذي يمكن ان يعثورا عليه.
توجهوا الى هناك ليجدوه مقتولا برصاص مسدسه اساله بتردد قبل ان امضي: هل يمكن ان نقوم بتصويرك ام ان هذا سيعرضك الى المخاطرة؟
يرد ضاحكا: لدى السلطات الاسرائيلية 100 صورة لي لماذا لا نجعلها 101