أيمن بن التهامي من الرباط
بلغت نسبة واردات الجزائر من الأسلحة خلال الفترة الممتدة ما بين 2007 و 2011، 43 في المئة، في حين بلغت نسبة التسلح في المغرب ما يقارب الـ 16 في المئة. ولا يبدو أن للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلدان وكل العالم، تأثيراً على سباق التسلح الذي يوصف بالجنونيّ بين الجارتين.
الأسطول الجوي الجزائري ما زال متقدّماً في المنطقة
الرباط: رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، ما زال "سباق التسلح الجنوني" بين المغرب والجزائر مستمراً.
فخلال الفترة الممتدة ما بين 2007 و 2011، استورد البلدان حوالي 59 في المئة من واردات القارة الأفريقية من السلاح، غير أن الجزائر تحظى بنصيب الأسد، إذ إن نسبة وارداتها من الأسلحة بلغت 43 في المئة، في حين بلغت نسبتها في المغرب 16 في المئة.
وقال عبد الرحمان مكاوي، الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، إن "سباق التسلح بين البلدين يقرأ من زاويتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالجانب السياسي، والثانية بالعسكري".
وأوضح عبد الرحمان مكاوي، في تصريح لـ"إيلاف"، أن الزاوية السياسية تتضمن ثلاث نقاط، أولها أن هذا السباق تزامن مع وصول الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، في حين تتجلى النقطة الثانية في كون أن "الجزائر بدأت بعد انتهاء العشرية السوداء (الحرب الأهلية) بالانتقال من جيش وطني شعبي عقيدته حرب العصابات (الكر والفر) إلى جيش محترف ومهني".
أما النقطة الأخيرة، الذي شرحها الخبير المغربي، فتتمثل في كون أن "الدول تغيّر أسلحتها وأنظمتها الدفاعية على رأس كل 10 سنوات بسبب التآكل لهذا العتاد، وظهور أجيال جديدة من الأسلحة المتطورة، إلى جانب أن الجزائر كان عليها حظر طيلة الحرب الأهلية، ولم تتكمن من التزود بالأسلحة المتطورة إلا من خلال الأسواق السوداء".
كما تحدث الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية عن أسباب سياسية أخرى لهذا السباق، وهي أن الملك محمد السادس بدأ بأول ورش إصلاحي ألا وهو المؤسسة العسكرية المغربية، وذلك عن طريق تحديث عتادها والعناية بعناصرها، وتوفير الظروف الاجتماعية الصحيحة والسليمة وتأهيلها، وجعلها في مستوى جيوش أوروبا كالبرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، إضافة إلى دمقرطتها من خلال قانون 02/12 الذي يمنح العسكريين الضمانات نفسها في مجال الحريات والحقوق التي يتمتع بها المواطن المدني.
أما في ما يخص المستوى العسكري، قال عبد الرحمان مكاوي: "إن لكل جيش في المنطقة عقيدته. فالعقيدة العسكرية الجزائرية بنيت على أساس أن وحدة الوطن وتماسك نسيجه الاجتماعي يقومان على إشاعة منطق الهيمنة بالقوة ضد خطر خارجي يأتي إلى الجزائر من الغرب أو الشمال (المغرب ـ فرنسا)، إضافة إلى التهديدات التي يروج لها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، أي ضد الإرهاب بصفة عامة"، مشيراً إلى أن "القادة العسكريين الجزائريين يريدون حماية منطقة أمنهم القومي، وهي منطقة ممتدة من دكار إلى القاهرة، كما أنهم يسعون إلى التساوي مع مصر، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا".
الأسطول الجوي الجزائري يكسر التوازن في المنطقة
أكد عبد الرحمان مكاوي أن المعهد الاستراتيجي الأوروبي للشؤون العسكرية والأمن المقرب من الحلف الأطلسي نشر تقريراً جاء فيه أن القوات الجوية الجزائرية تحتل المرتبة 19 عالمياً، والثالثة عربياً، بعد مصر وسوريا، والثانية أفريقيا، مبرزاً أن "الجزائر تقتني أكثر من 13 مليار دولار من الأسلحة من روسيا، والصين، وفرنسا، وإسبانيا، والولايات المتحدة الأميركية، إذ إن أسطولها الجوي كسر التوازن الاستراتيجي في شمال أفريقيا.
وهذا ما أكده كذلك التقرير الأخير لمعهد السلام في السويد، الذي جاء في أن مشتريات الجزائر من الأسلحة بلغت، ما بين 2007 و2011، نسبة 43 في المئة".
وعلى هذا المستوى، شرح الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، أن المغرب قام هو الآخر بمشتريات كثيرة، في الفترة نفسها، بلغت نسبتها 227 في المئة، إذ إنه اعتنى هو الآخر بالسلاح الجوي ونظام الدفاع الجوي طبقاً للقاعدة العسكرية من يملك الجو يملك البر".
وذكر أن "مشتريات الجزائر لا تعكس حاجاتها في الدفاع، ومحاربة الرهاب، بل هي امتداد لعقيدتها العسكرية التي تسعى إلى التفوق في منطقة شمال أفريقيا وجر المغرب نحو هذا السباق على حساب التنمية"، وزاد مفسراً أن "الكل يعلم أنه كلما زادت أسعار البترول والغاز زادت أثمان الأسلحة بأرقام مضاعفة، والذي يساعد الجزائر في هذا السباق الجنوني هو توفرها على وعاء مالي كبير يسمح لها بشراء مختلف الأسلحة".
وأضاف الخبير المغربي أن "الكل يعلم أن 75 في المئة من الاقتصاد العالمي الغربي يقوم على الصناعة الحربية. فلولا هذه الصناعة لانهارت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، خلال هذه الأزمة الاقتصادية الراهنة".
وأبرز عبد الرحمان مكاوي أن "هناك عاملاً يساعد المغرب في مواجهة هذه الآلة العسكرية الجزائرية هو قربه من الحلف الأطلسي الذي يعتبره شريكاً يعول عليه في حفظ الأمن والسلام الدوليين، وعلاقاته كذلك العسكرية مع دول الخليج، التي تعتبر بمثابة حلف غير معلن بين المغرب وهذه الدول الغنية".
وكان تقرير نشره، أخيراً، معهد "سيبري" لأبحاث السلام، الذي يقع مقره في العاصمة السويدية ستوكهولم، كشف أن الجزائر اقتنت ما بين 2007 و2011، 2194 طائرة، في حين اقتنى المغرب 1174، أما أنظمة الدفاع فوصلت إلى 120 بالنسبة إلى الجزائر، مقابل 42 بالنسبة إلى المغرب.
كما اقتنت الجزائر 825 صاروخاً و675 باخرة، في حين اقتصرت مقتنيات المغرب على 159 صاورخاً و174 باخرة.[img]
[/img]