القصة الكاملة لعملية الموساد لاغتيال خالد مشعل قائد حركة حماس

القصة الكاملة لعملية الموساد لاغتيال خالد مشعل قائد حركة حماس

الموضوع: شخصيات ومواقف / الفوال
أزمة اعتقال غوشة فى مطار الملكة علياء بعمان لمدة أسبوعين
ماذا قال خالد مشعل عن انفجار الطائرات في برج التجارة العالمي بنيويورك ؟
اسرائل تلاحق عرفات بنسف مهابط طائراته وتقول أردنا معاقبته واذلاله
قال شارون في حربه ضد الأرهاب : لن تكون هذه الحرب قصيرة وسهلة ولكن يجب أن نفوز بها
ملخص مانشر
في الحلقة الماضية استعرضنا قصة الإنتفاضة الفلسطينية الثانية وتداعياتها على عملية السلام .. والموقف بين منظمة التحرير الفلسطينية وفتح .. ثم تابعنا الحصار الذي فرض على القيادة في حماس .. حيث لم يكن لها مكان تذهب إليه بعد توتر علاقاتها مع الأردن
الرجل العجوز
في حزيران وصل رجل عجوز بشكل غير متوقع إلى مطار الملكة علياء في عمان على رحلة قادمة من الدوحة.. كان إبراهيم غوشه قد عمل طيلة سنوات كمتحدث رسمي باسم حماس في الأردن لكنه آنذاك كان في السابعة والستين من العمر وقد قضي في الدوحة عامين . وكان يريد العودة للوطن.
تم اعتقال غوشه حالماً خرج من الطائرة ربما كان عجوزاً لكنه كان لا يزال أحد قيادي حماس العنيدين ورفض المطلب الأردني بأن يستقيل من حماس قبل السماح له بدخول البلاد.
وضع الأردن يده على طائرة الخطوط الجوية القطرية أيرباص التي كان غوشه قد وصل على متنها ورفض السماح لطاقمها بالمغادرة أن لم يعيدوه معهم . كانت لدى الطاقم أوامر صارمة من الدوحة بعدم القيام بذلك، تم الغاء كل الرحلات بين البلدين آنذاك.

ومن خلال المفاوضات الصعبة التي تلت ذلك . شهدت المنطقة موقفاً استثنائياً بقي غوشة محتجزاً في المطار طيلة اسبوعين مع هاتف خليوي خبأه تحت بطانيته وطبيب إلى جانبه لمراقبة مرض السكري وارتفاع ضغط الدم المصاب بهما .
عرضت حكومتا اليمن وليبيا المساعدة ولكن من دون جدوى مشددين أن على غوشة أن يغادر عمان قبل أن يمنح موافقة رسمية على العودة . أصدر عملاء اردنيون أخيراً أوامر له بالصعود على متن رحلة مقررة لاحدى طائرات الخطوط الملكية الأردنية التي كان يحيط بها حشد من رجال إدارة المخابرات العامة وبينهم نائب المدير. كان غوشة يعتقد انه ذاهب إلى اليمن لكن حالما أصبح على متن الطائرة اعلن الطيار أنهم متجهون إلى تايلاند!
مشعل يرحل لدمشق:
بعد دقائق من الهبوط في مطار دون ميانغ الدولي في بانكوك نزل غوشة وحراسه في فندق ترانزيت للتوصل إلى اتفاق على كلمات بيان . لكن مسار الأحداث شهد تغيراً نحو الأسوأ عندما اكتشفت السلطات التايلاندية أن الأردنيين كانوا قد احضروا معهم أرهابياً معروفاً غوشه إلى بلدهم تم أرغامهم على الهروب على متن الرحلة التالية المتوفرة هذه المرة إلى كوالا لامبور .
وافق غوشه أخيراً على تجميد نشاطه مع الحركة كان ذلك تعبيراً لفظياً لكن من دون اعتباره متخاذلاً . عادت الجماعة إلى الأردن في اليوم التالي واستقر غوشه في عمان وسرعان ما اختفي عن انظار العامة.
كان خالد مشعل يستعد للانتقال أيضاً حزم حقائبه في قطر وتوجه إلى دمشق حيث استقر مكتب حماس السياسي في مدينة كانت القوانين الأساسية فيها أقسى مما كانوا معتادين في الأردن، في العاصمة السورية كان محظوراً عليهم القيام بأي نشاط علني وستنقضي خمسة أعوام قبل أن تسمح لهم السلطات المحلية بتنظيم حدث سلمي تمثل في أقامة أول مؤتمر صحافي لخالد مشعل في دمشق .
رجل ميت يمشي
في دمشق كان الوقت بعد الظهر عندما شغل خالد مشعل التلفاز في مبني أحدى الضواحي ، كان النظام السوري قد قدمه كمكتب ومنزل لضيفه الرسمي الجديد .وكان ذلك توقفاً قصيراً في يوم حافل لمتابعة الأخبار.
تذكر لاحقاً (كنت أشاهد الجزيرة فجأة كان هناك خبر عن طائرة تصطدم بأحد البرجين ثم كانت هناك طائرة اخرى كان ذلك 11 أيلول 2001م ولم يستطيع مشعل قول شيء.
كانت القناة الأخبارية الفضائية العربية التي تتخذ من الدوحة مقراً لها قد بثت للتو أول تقاريرها عن هجوم القاعدة على أمريكا حيث اتجهت طائرات مختطفة مليئة بالمسافرين بكامل سرعتها نحو البرجين الشهيرين مركز التجارة العالمية في نيويورك ومبني وزارة الدفاع البنتاغون في واشنطن قال لاحقاً (كان الأمر مثل مشاهدة فيلم كان شيئاً لا يصدق لم تكن مجرد ضربة واحدة كانت مجموعة متتالية من الضربات ).
الهجوم على برج التجارة :
كان مشعل يعارض دائماً تصنيف نشاطاته على أنها إرهابية وعندما انكشفت ابعاد المجزرة في مانهاتن وواشنطن وجد صعوبة في فهم شناعة مشروع اسامة بن لادن قال (كان غريباً أن يحدث ذلك لاقوى بلد في العالم في البداية شعرت بصدمة كبيرة مما جرى تابعت الاخبار فحسب).
بسرعة كافية على أي حال بدات العواقب الرهيبة المحتملة بالنسبة إلى حماس بالظهور . سيخيم ما حدث في 11 أيلول على نظرة العالم للإنتفاضة الثانية ، مثلما غير غزو صدام حسين للكويت في عام 1990م النظرة بشكل جذري نحو الإنتفاضة الأولى، إذا كانت نهاية الحرب الباردة قد خففت الإهتمام بالقتال من أجل الحرية في أصقاع مختلفة من الكرة الأرضية، فإن احداث 11/9 ستعرض محاربين مثل مشعل وحركته للخطر..
الأكثر أهمية سيتحرك خصومهم في حالة مشعل رئيس الوزراء الأسرائيلي أرييل شارون بسرعة للاستفادة من رد فعل واشنطن على القاعدة لمصالحهم الخاصة وسيتم الاستفادة من خطاب مكافحة الأرهاب الجديد في أمريكا لتبرير استعمال اسرائيل القوة العسكرية بشكل مفرط في كل نزاع محتمل . فجأة سيصبح صراع مشعل ضد احتلال فلسطين مركز اهتمام جورج دبليو بوش فيما يدعى الحرب على الإرهاب .
ضربة صاروخية لاغتيال أبو هنود
على الأرض في الشرق الأوسط كان المزاج غاضباً بينما كانت الإنتفاضة تدخل عامها الثاني . لم يستطع أي من الطرفين التغلب على الآخر كان اكثر من ثمانمائة فلسطيني قد لقوا حتفهم منذ نهاية أيلول 2000 في المدة نفسها لقي أكثر من مئة وسبعين إسرائيلياً حفتهم. كان الآلاف قد أصيبوا بجروح من كلا الطرفين وكان الإقتصاد الفلسطيني قد انكمش بشكل كبير مع تبخر ثلاثة آلاف وظيفة فلسطينية وأغلاق صناعة السياحة في اسرائيل.
في الأسابيع التي تلت الهجمات على نيويورك وواشنطن توارت كل الفصائل الفلسطينية عن الأنظار فيما بدا أنه قرار جماعي لتفادي ربطها بعملية بن لادن العالمية. كان التوتر على أشده تغير الموقف فجأة مع قرب نهاية أيلول عندما أجاز رؤساء الأجهزة الأمنية الأسرائيلية توجيه ضربة صاروخية من طائرة لاغتيال محمود أبوهنود قائد عسكري من حماس في الضفة الغربية وعدت الحركة بالثأر له متجاهلة واحدة من دعوات ياسر عرفات العديدة لوقف أطلاق النار ، وردت الحركة في عطلة نهاية الأسبوع الأول من كانون الاول .
أنهم من حماس
لم يكن من عادات خالد مشعل أن يطل برأسه بشكل متهور من وراء متراس لهذا كان ينبغي أن تبدو المقابلة التي أجراها مع الصحيفة المغربية التجديد يوم وقوع التفجير في حيفا محسوبة ومثيرة للإهتمام متباهياً ومحرضاًُ في الوقت نفسه أثار مشعل سخط كل من شارون وعرفات وعندما أوضح بفخر أن معظم القتلى الأسرائيليين في الإنتفاضة هم ضحايا حماس اعلنهم : لقي أكثر من ثلاثة أرباع الصهاينة حتفهم على أيدي حماس مصراً على أن أكثر من نصف النشطاء والمحتجين الذين يحافظون على استمرار الإنتفاضة كانوا من حركته بدا أن مشعل يحاول ابعاد كل الفصائل الأخرى عن خط المواجهة.
بالرغم من أن حماس كانت قد أوضحت بجلاء أنها مسؤولة عن التفجيرات الأخيرة ، إلا أن قوات شارون لاحقت عرفات ونسفت مهبطاً ومروحتين لقائد منظمة التحرير الفلسطينية وصف مسؤول إسرائيلي بارز اختيار الأهداف بالقول أردنا معاقبته وإذلاله.
كان جورج بوش هو الذي هاجم حماس محولاً اهتمامه بعيداً من القاعدة للمرة الأولى منذ 11 أيلول التقى الرئيس الأمريكي على عجل مع أرييل شارون في واشنطن في اليوم الذي وقع فيه تفجير حيفا كان شارون قد جاء يحمل طلباً خاصاً . كان يريد من بوش أغلاق أحد مشاريع حماس الحيوية مؤسسة الأرض المقدسة في العام السابق كانت مؤسسة الأرض المقدسة قد جمعت 13 مليون دولار باسم العمل الخيري الإسلامي.
تعليمات اسرائيلية لبوش.
لم يدع بوش وقتاً تم أستدعاء الصحافيين المعتمدين في البيت الأبيض إلى حديقة الورود قبل الساعة الحادية عشرة بقليل من اليوم التالي أعلن بوش منتقداً شبكة حماس للأعمال الخيرية التي تعتمد عليها آلاف العائلات الفلسطينية مطلقاً وعيداً (أولئك الذين يعملون مع الأرهاب لن يعملوا في الولايات المتحدة ) قال : الأموال التي تجمعها مؤسسة الأرض المقدسة تستعملها حماس لدعم المدارس وتعليم الأطفال ليكبروا ويصبحوا انتحاريين.
كان جمع الاموال يتم على الأرض الأمريكية تمت مصادرة سجلات ووثائق مؤسسة الأرض المقدسة عندما أغار عملاء فيدراليون على مكاتبها في أربع ولايات . تم تجميد أصول مؤسسة الأرض المقدسة إلى جانب تلك العائدة لمصرف وشركة إستثمار أدعت إدارة بوش أنها أذرع مالية لحماس.
العواقب الوخيمة :
بالنسبة إلى مشعل وحماس كان اغلاق مؤسسة الأرض المقدسة كارثة وأدى إلى قطع تواصل الحركة مع شبكات دعم اجتماعية كريمة وقطع التمويل الذي يعد نسق الحياة بالنسبة لها . والذي كان القسم الأكبر منه ينفق على الأعمال الخيرية في الأراضي المحتلة المرهقة اقتصادياً كانت العواقب الوخيمة التي توقعها مشعل بعد 11 أييلول قد وقعت. بمواجهة هجمات مثل تلك في الخارج استحوذ على حماس ضرورة إتخاذ اجراءات دفاعية في الأراضي المحتلة.
لدى عودته إلى إسرائيل من رحلته الناجحة واشنطن اعلن شارون حربه الخاصة على الأرهاب وركز انتباهه مجدداً على عدو قديم قال معيداً صياغة اعلان بوش بعد 11 أيلول لن تكون هذه الحرب سهلة لن تكون هذه الحرب قصيرة المدى لكن ينبغي أن نفوز بها.
في خلال خطابه المتلفز كشف شارون إلى أي حد كانت منافسته الشخصية مع ياسر عرفات تغذي شعوره بالنزاع اعلن : لن ينجح عرفات في خداع الحكومة أرأسها .
قبل عشرين عاماً كان عرفات قد وقف عبر الشارع قبالة مبني من الشقق في بيروت والذي كان قد اخلاه قبل دقائق قليلة يراقب على حين كانت مقاتلات إسرائيلية آنذاك تدك المبني في غارة للقضاء عليه.