الشمس : تنشر أشعتها الدافئة في جزيرة قوري السنغالية أو ما تعرف بجزيرة العبيد!!
ملف جزيرة قوري.. ملف أوروبي أسود ضمن الملفات التي ستظل مطروحة حتى الاعتذار الكامل والتعويض الشامل
عمار شنفير : صبرى المهيدوي
ترجمة أ. منصور ابو شناف
كثيراً ما كنا نسمع عن جزيرة قوري السنغالية أو جزيرة العبيد حيث كانت هذه الجزيرة التي شهدت فضاعات وممارسات غير إنسانية في حق الأفارقة الأبرياء.. كانت مرتعاً لتجار الرقيق الأوروبيين ومنها كان يشحن العبيد على ظهر السفن الأوروبية لتبيعهم في أوروبا ومنها إلى أمريكا.. وكان مواطنو دول مالى ونيجيريا والسنغال وغمبيا وموريتانيا المستهدفين دائماً للعبودية بحجة أن اجسادهم قوية ، وبالتالي فاثمانهم أكثر ربحاً عند البيع فالزائر لهذه الجزيرة التي كانت السجن الكبير للأفارقة وهكذا يطلق عليها السنغاليون الداخل إليها إما مقتولا أو عبداً ذليلاً يقاس بالوزن ويشار إليه بالرقم!! عشرات الزنازين كانت هي الأخرى الشاهد على ارهاب الدولة الذي مارسته الدول الأوروبية البرتغاليون ـ الهولنديون والانجليز والفرنسيون الذين تولوا على مدى 3 عقود من الزمن حكم هذه الجزيرة التي كانت يوماً هادئة وديعة يعيش مواطنوها كأسرة واحدة لا يعرفون حتى أين تقع تلك الدول على الخارطة الدولية حتى داهمتهم السفن الأوروبية وهي تقذف بلهيب نيران مدافعها على الأهالي في هذه الجزيرة التي تحولت الآن إلى مزار للسّياح من مختلف البلدان ومن كل القارات للوقوف على هذه الجريمة البشعة غير المبررة التي اقترفها الأوروبيون في أفريقيا وهي شاهد على دونية أوروبا وقذارتها في ذلك الوقت..
جزيرة قوري السنغالية أو جزيرة العبيد
تقع في ضواحي مدينة داكار بالسنغال وتحتل مساحة 6 هكتارات تلفها مياه المحيط من جهاتها الأربع يعيش داخلها 1200 مواطن ـ 800 منهم من المسلمين و400 من الكاثوليك يتعايشون فيما بينهم ويعملون على صيد الأسماك وإن كانت هذه الجزيرة تشكل مصدر رزق لأهلها وذلك من خلال وجود العديد من المطاعم المتخصصة في الأسماك إضافة إلى بيع الصناعات التقليدية المحلية للسياح وهم يتوافدون عليها للاستمتاع بمناظرها وأشعة الشمس الرائعة والتي تغرى بالتنزه والتجوال فيها.
باب السجن الكبير
أو هكذا يطلق عليه السنغاليون ويضم عشرات الزنازين الضيقة ويسجن فيها الأفارقة من الأطفال والرجال والنساء لفترات متفاوتة وذلك استعداداً لشحنهم في سفن الموت ومن ثم بيعهم في أوروبا ومنها إلى أمريكا حيث يعملون في الحقول والمزارع ويشيدون الطرق ويقومون بكل الأعمال لمصلحة البيض وهم يستنزفون عرقهم وجهدهم في ابشع صور الاستغلال والاذلال ومعهما الاحتقار لأدمية بنى البشر!! بنى هذا السجن الهولنديون عام 1776ف 60 % من الاطفال ماتوا داخل هذا السجن الرهيب!!
كل الأطفال الذين يتم اصطيادهم في القرى والمدن وداخل الغابات الأفريقية ويزج بهم في زنازين ضيقة وكان الطفل يوضع قوق شقيقه الطفل الآخر ولكم ان تتخيلوا المشهد.. تماماً كما يعرض التاجر في أيامناً هذه بضاعته للزبائن في أرفف المحلات والأسواق التي بدات تنتشر كالنار في الهشيم! وكان يشار إليهم بالارقام الطفل رقم واحد واثنان وثلاثة وهكذا!! وكان هؤلاء الأطفال يحشرون في حجرات ضيقة جداً ويصل عددهم في الحجرة الواحدة من 20 ـ 40 طفلا.
زنازين الشباب والرجال
وهي تضم الأخرى عشرات العبيد في الحجرات ذاتها.. ومن يقل وزنه عن 60 كجم يحال لما تسمى بحجرات التسمين ليزداد وزنه ومن ثم يرتفع سعره!! وبعد ثلاثة أشهر من الإقامة الجبرية داخل هذا السجن يخرج هؤلاء العبيد من الباب الذي يسمى «باب اللاعودة».. ومنه يتم شحنهم على ظهر السفن الأوروبية في رحلة اللاعودة ومن يمرض فوق تلك السفن يلقى به في مياه المحيط لتتكفل أسماك القرش بالقضاء على ما تبقى له من نفس.. والاحياء منهم يتم بيعهم في رحلة نحو المجهول ليتم استغلالهم في أبشع صور الاستغلال!! لذلك اطلق السنغاليون على هذا الباب «باب اللاعودة» فالخارج منه إما مفقوداً أو معبوداً!!
المرأة الوحيدة الناجية.. المغتصبة والمرضعة!!
المرأة الوحيدة في هذا السجن التي قد تنال حريتها هي المرأة التي يتم اغتصابها على أيدى الجلادين البيض وأمام زوجها وأطفالها وهي الوحيدة الناجية حتى تضع طفلها وتقوم بارضاعه لعشرة أشهر ومن ثم يطلق سراحها وقد تعود لذات السجن بمجرد اصطيادها من جديد لتتعرض لنفس الممارسات المشينة مرة أخرى وهكذا!!
باب اللاعودة
الذي تحدثنا عنه قبل قليل وهو الباب الأخير في سجن قورى السنغالية.. اطلق عليه السنغاليون باب اللاعودة والخارج منه إما مفقوداً أو معبوداً.. كل من شاهده ارتعدت فرائصه.. انه بحق باب اللاعودة!!
20 مليون أفريقي نقلوا لأوروبا من جزيرة قورى و6 ملايين ماتوا في السجن الكبير
بلغ عدد الأفارقة الذين تم شحنهم ونقلهم من هذا السجن إلى أوروبا حوالى 20 مليون أفريقي وقد مات من الأفارقة داخل هذا السجن 6 ملايين من اطفال ورجال ونساء.
عقوبة العبد المتمرد
ويطلق عليه الأوروبيون بالعبد المتمرد والمشاغب وعقوبته الجلد والحرمان من الأكل والشرب ويوضع في حجرة ضيقة مليئة بالمياه ويسمح للعبد بدخول الحمام لمرة واحدة في اليوم ومن اراد قضاء حاجته مرة أخرى يمكنه القيام بذلك داخل الحجرة التي تضم عدداً من المتمردين لذلك سجلت أول أصابة بمرض الطاعون داخل هذا السجن اللعين!!
شجرة الباى باى
وتسمى بخبزه القرود وهي مفيدة لعلاج المعدة وتستخدم عيدانها لتنظيف الجروح وتسمى أوراقها، بالأوراق السحرية وهي رمز للسنغاليين ومقدسة لديهم.
أقدم مبنى في قورى
هذا المبنى أقدم مبنى في جزيرة قورى وقد قامت منظمة اليونيسكو بترميمه وكان هذا المبنى مقراً للحاكم الفرنسي «شوفلى بوفى» الذي حكم الجزيرة لسنوات لم يدخر جهداً خلالها لاذلال الأفارقة.. هذا المبنى يحتضن الآن الاحتفالات الشعبية الأفريقية ويشهد سنوياً الاحتفال بيوم أفريقيا للرقص.
أفضل مدرسة في السنغال
هذه المدرسة تسمى «مرياما» نسبة إلى الكاتبة والشاعرة الأفريقية الشهيرة وتضم 200 تلميذة وتعد من أهم وأفضل المدارس في السنغال ويوجد بها قسم داخلي للبنات ومعظم تلاميذها من المتميزين، كذلك تقوم الحكومة بارسالهم للدراسة خارج السنغال على نفقة الحكومة في أوروبا وأمريكا وبلدان أوروبية أخرى.
المدفع الفرنسى
أقامه الفرنسيون في أعلى مكان في جزيرة قورى عام 1907ف ويصل مداه 14 ميلا ومهمته ضرب وصد أي هجوم من السفن الأوروبية الطامعة في احتلال هذه الجزيرة وامتصاص عرق وجهد أهلها وبيعهم في سوق النخاسة وقبل أن يغادر الفرنسيون الجزيرة قاموا بافساده حتى لا يتم استخدامه مرة أخرى من قبل قوة أوروبية شريرة قد تحتل الجزيرة.
المناضل الأفريقي الكبير مانديلا زار السجن وسجن نفسه ربع ساعة داخل إحدى الزنزانات
عندما قام المناضل الأفريقي الكبير نيلسون مانديلا بزيارة جزيرة قورى السنغالية .. تأثر كثيراً وهاله ما عاناه الأفارقة داخل هذا السجن لدرجة انه سجن نفسه في إحدى الزنازين لمدة ربع ساعة وقد بكى بكاء شديداً وقد تذكر سجنه الرهيب في جزيرة بجنوب أفريقيا عندما كان يناضل لحرية بلده.
جامع قورى الوحيد
بناه المسلمون المرابطون عام 1822ف وهو الوحيد في الجزيرة وعندما زاره القائد معمر القذافي في احدى زياراته للجزيرة أمر بترميمه وصيانته ليستقبل المصلين في كل الأوقات.
للذكرى.. نصب تذكاري على هيئة سفينة أقامه السنغاليون في أعلى مكان في الجزيرة
حتى يتذكر الأفارقة والسنغاليون بشكل خاص أن السفن الأوروبية هي التي حملت الأفارقة من بلدانهم إلى أوروبا وأمريكا وحتى لا ينسى الأفارقة تلك الممارسات المشينة في حق أفريقيا وأبنائها، لذلك تم تشييده على هيئة سفينة ليظل الجيل الجديد يتذكر تلك المعاناة التي كان فيها المواطن الأفريقي نهباً للخوف والمرض والفقر!!!
خاتمة...
وبعد.. ما الذي يمكن أن تقدمه الدول الأوروبية التي تورطت في هذه الجريمة النكراء؟ ما الذي يمكن أن تقدمه لأفريقيا؟ وهل المليارات من الدولارات التي قد تقدمها أوروبا لأفريقيا تكفى حتى ننسى معاناة أهلنا في جزيرة قوري.. على تلك الدول أن تعتذر ألف مرة وأن تعوض الأفارقة تعويضاً عادلاً وقبله الاعتذار الكامل والشامل عن الممارسات الصارخة ضد حقوق الإنسان الأفريقى الذي عومل كحيوان وليس بشراً.. ستظل وتبقى قوري وصمة عار في جبين أوروبا وهي من الملفات السوداء التي ستظل مطروحة على الطاولة لايجاد حلاً لها.
اضافة أولى:
زيارتي للسنغال لتغطية فاعليات المهرجان العالمي الثالث للفنون الزنجية الأفريقية ضمن الوفد الثقافي الليبي المشارك في هذا المحفل الثقافي جعلتني اتشوق لزيارة عواصم أفريقية أخرى.. فالشعب السنغالي يحب أفريقيا ويحب الوحدة والأهم أنه يحب المناضل معمر القذافي باني أفريقيا وموحدها ويبارك كل مبادراته الصادقة لبناء البيت الأفريقي الواحد والدليل الحشود الغفيرة التي استقبلته في العاصمة داكار للمشاركة في المهرجان العالمي للفنون الأفريقية الذي اختتم فاعلياته خلال الأسبوع الماضي والذي شاركت فيه أكثر من 66 دولة، قدمت عروضها ونشاطاتها الثقافية المتنوعة التي قوبلت بمتابعة السنغاليين لها في كل الاماكن التي احتضنت تلك النشاطات
اضافة ثانية:
كل أعضاء الوفد الثقافي الليبي الذي شارك في المهرجان كانوا في الموعد.. الكل شارك والكل كان يسعى لانجاح المشاركات الليبية .. الفرق الموسيقية والمفكرون والكتاب في الندوات المختلفة.. الكل ساهم في انجاح المشاركة حتى أن الكل اندمج مع العروض الموسيقية وتحولوا إلى أعضاء في تلك الفرق.. جميل أن تتصافح أيدينا وتتشابك لأجل التميز والإبداع.. شكراً لكل عضو في هذا الوفد.. واقدم باقات الورود لهم جميعاً.. كم انتم رائعون.
إضافة ثالثة:
الشكر موصول للدكتور محمد الحضيري المدني رئيس الوفد الليبي على رحابة صدره وعلى رعايته وتفقده لكل الأعضاء.. يسأل عن كل كبيرة وصغيرة ولا ينام حتى ينام الجميع.. انه بحق نعم الرفيق الذي نعتز برفقته.. تحية موصولة لعمنا علي الشعافي ـ المدير الإداري لقناة وطني الكبير على حرصه على انجاح مهمة الصحفيين والإعلاميين.. شكراً للرائع عبدالمنعم اللموشى والمتألق منصور ابو شناف وآخرون قد تخوننى الذاكرة لتذكرهم وهم على آي حال اعزاز غوالي.. رفقتهم لا تمل.. الشكر موصول أيضا لرفيق غرفتي أخي عادل قنابة هذا الشاب الودود.