كوني البوصلة التي توجه والدتك نحو الطّريق السّليم
عزيزتي، هل الإنتحار هو الحل لمشكلتك؟ لو كان كذلك ما كان الخالق سبحانه وتعالى قد حرمه على عبداه، وهل مشكلة زواج أمك تفعل بك كل ذلك، أنا لا أهون عليك، لأنّني أعرف أن الأم تعني القدوة والمثل الأعلى والقيمة الكبرى، لكنّني فقط أفكّر معك بشيء من العقل، فمعنى أنها تخفيه فهي تشعر بأنّه خطأ أو فعل شائن، رغم أن الأفضل أن تلتزم النّهج السّليم وأسلوب المصارحة، لأنّ الزّواج شرع الله وشريعته ولا أحد يعترض على طلبها للعفة والحصانة، لكن الإعتراض هو أن يتم ذلك وفي الخفاء عن زوجة المتقدم الأولى وكأنها لم تتزوج، فلماذا تقبل أن تضع نفسها موضع الشبهات، وترضى لنفسها وهي السيدة الفاضلة والأم والقدوة أن تكون صورتها هكذا.
في كل الأحوال ليس لك إلا أن تواصلي برها واكتساب عطفها، لأنّك مأمورة من الحق سبحانه وتعالى بالطاعة لها والبر بها والعطف عليها، ولا مانع لو تصاحبيها وتصادقيها وتكونين لها الصديقة والعون، اقتربي منها وافهمي ظروفها والتمسي لها الأعذار، فربما تفهمت موقفها وقدرت ظروفها ، فالمصارحة في هذه الأمور أفضل الطّرق للوصول إلى الحلول، لأن والدتك من المرجح أنّها تمر بأزمة منتصف العمر، وهي الفترة التي تشعر فيها المرأة بأن شبابها قد أو شك على الزوال، وجمالها قد أوشك على الذبول، فتسعى لإثبات أن الحياة لا زالت أمامها بطرق شتّى، مثل الرّغبة في الزواج إن كانت أرملة أو التّصابي وارتداء ملابس لا تناسب سنها ووضع المكياج المبالغ فيه، أو الزواج ممن يصغرها سنا.
عزيزتي، لا تتخلي عنها فقد تكون بحاجة إليك وقد تكون بحاجة إلى سند بعد وفاة أبيك، فتفهمي احتياجاتها ولا تقفي منها موقف الضّد، بل احميها من نفسها إن أخطأت وساعديها على التماس الطريق السليم وكوني عونا لها وسندا، ولا تكوني أنت السكين الذي يقتلها، فوقوفك إلى جوارها ومساندتك لها، قد يدفعها إلى التغلب على عثراتها والسيطرة على ضعفها والتفكير بشكل سليم، والتراجع عما قد يسيء إليك وإليها، لكن القسوة عليها قد تجعلها تغض الطرف عما هو صالح لها، وتمضي قدما في طريق العناد، فلا مانع أبدا أن تكوني أنت البوصلة التي توجه والدتك نحو الطّريق السّليم، لا مانع أن تعرف عن طريقك أن دورها في الحياة أكبر بكثير من مجرد حالة زواج، تتم في الخفاء، المهم أن تفعلي كل ذلك بمنتهى الحب والصّدق مع والدتك وتخافين عليها، لتشعر هي بذلك فتتنبه وتعيد حساباتها فتراجع نفسها.