يحرمني وللزوجة الثانية يدفع بسخاء.. فهل أرضى معه البقاء؟
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
أنا سيدة في الأربعين من العمر، متزوجة منذ تسع سنوات، وأم لطفلين، تزوجت بعد قصة حب، عارضنا من أجله أهله وأهلي وتمت موافقتهم بعد ذلك بشق الأنفس.
بدأنا من تحت الصفر، وبعد مرور كل هذه السنوات، وبعد أن كنت له مثال الزوجة الصالحة وبعد أن رزقه الله سبحانه وتعالى المال والذرية، قرر بكل بساطة الزواج من أخرى، والسبب هو عدم اكتفائه بي.
هل هذا جزاء الأيام والليالي الطويلة التي صبرت فيها معه، وقاسيت ولم أحمله ما لا يطيق، لم أكلفه حتى بالضروريات أثناء ارتباطنا، هل هذا جزائي يا سيدة نور؟
هو الآن للزوجة الثانية يدفع ويتكلف ويقدم الكثير، على حسابي، فأين العدل الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، عندما أحل الزواج من أكثر من امرأة.
قلبي مجروح، نفسي ممزقة، تائهة، الدموع تنهمر دون توقف والحزن والأسى شعاري في هذه الحياة بعد هذا المصاب الذي ألم بي.
وردة/ سدراتة
الرد:
عزيزتي أقدر تماما حجم المعاناة التي تشعرين بها، وكم هو الألم الذي أصابك من قرار زوجك، الزواج من امرأة أخرى بعد سنوات العِشرة، وبعد تفانيك في الوقوف بجانبه، ولكن اعلمي أن لكل إنسان ابتلاءه الخاص، والإبتلاء سنة الله في الكون يختص الله به فئة من عباده، لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
ومن تفكر وتدبر في الإبتلاء يكشف الله له من أسراره ما يهون عليه، أليس بالابتلاء يُعرف الصابر؟ أليس بالابتلاء يعرف الشاكر من الساخط ؟ أليس بالابتلاء يُعرف المطيع من العاصي؟
هل تعلمين عزيزتي أن الله يحب صوت المبتلى في جوف الليل يناديه ويناجيه ويطلب منه سبحانه أن يرفع عنه هذا البلاء، فلا تترددي ولا تتقوقعي على آلمك وأحزانك، واحذري من الشيطان أن يقذف في قلبك اليأس ليصرفك عن طاعة الرحمن، أو أن يجعلك تعضين أناملك ندما على وقوفك بجوار زوجك وتضحياتك من أجله، فيحبط عملك ويضيع أجرك فاحذري، فما أنت فيه الآن، تربة خصبة للشيطان اللعين لينفث سمومه وحبائله، فاستعيذي بالله منه، واطلبي العون من الذي بيده ملكوت السموات والأرض.
ثقي أن ما تشعرين به سوف يتلاشي بمرور الوقت، فالزمن خير علاج للأحزان، لذلك أقول لك كفكفي عن عينيك الدموع، وأزيلي عن نفسك هذا الهم، وانظري إلى ابنيك، جعلهما الله قرة عين لك في الدنيا والآخرة، فانظري إلى عينيهما ستجدين سحابة الخير قادمة تشرق بفجر جديد ملؤه الأمل والسكينة والإطمئنان، فبين يديك ولديك، مشروع استثماري عظيم تحققي بهما ما تتطلعين إليه، من خلال تربية صالحة ليكونا رجلين عظيمين.
عزيزتي، رغم ما تمرين به، لا تقطعي ما بينك وبين زوجك، ولا تعيري أذنيك لكلام المحرضات من صديقات السوء اللائي يروجن للأفكار المغلوطة، والتي تحرض المرأة لطلب الطلاق انتقاما لكرامتها عند زواج زوجها من الثانية، وكوني له الزوجة المخلصة، والصديقة الوفية حتى يكتب لك الله الأجر العظيم، وكوني على ثقة أنه سوف يقدر موقفك هذا، ويعرف قدرك ويعود إليك، وتزدادين في عينيه إجلالا وحبا وتقديرا.
عزيزتي؛ تخطأ بعض الزوجات الظن بأنّه بعد مرور السنوات على الزواج وإنجاب الأولاد أن حاجة الزوج إلى العلاقة الخاصة قد أشبعت أو تضاءلت، فتبدأ إهمال الزوج وعدم الإكتراث بحاجاته، حتى أنك قد ذكرت أن سبب زواجه هو عدم الإكتفاء بك، وربما الانشغال بتربية الأبناء والإهتمام بهم، قد أختزل كثيرا من مساحة استيعابك لمطالبه، وإشباعك لحاجاته الغريزية، متجاهلة أن هذا الأمر بالنسبة للرجل من الأهمية، إضافة إلى إهمالك مظهرك وزينتك بحكم التعود وطول العشرة، ظنا منك أن التجمل والتزين من لزوم السنوات الأولى من الزواج فقط.
عزيزتي، لاشك أن زواج الزوج بأخرى، سيوفر لك من الوقت ما كنت تبذلينه حين تواجده معك، لهذا أنصحك بانتهاز هذه الفرصة باستثمار وقتك فيما يعود عليك بالنفع، كتعلم أي أمر جديد، أو ممارسة هواية، ولا تنسي أن الرفقة الصالحة ستكون لك عونا على تحمل الإبتلاء، مما يخرجك من بؤرة الأحزان ويشعرك بالدعم النفسي لتتخطي هذه الأزمة بسلام.