لأنّي أجتهد في العبادات الرمضانية والدتي تتهمني بالهروب من الأعمال المنزلية
بعد التّحية والسّلام أطرح عليك مشكلتي فأقول:
أعيش مع أسرتي في تعاسة دائمة، بين والدي وإخوتي لم أذق طعم الحب والحنان أبدا، حتّى من أمي لأنّها كانت دائما قاسية معي من دون إخوتي، لأنّي أعيش مع جدّتي وعمّتي التي هي في مرتبة شقيقتي من حيث التّقارب في السن والطفولة التي قضيناها معا، وفي سن 14 التحقت بأسرتي، لكن ولحد الآن أعيش في تعاسة ووحدة وغربة ومشاكل، وأنا في هذا السّن أحتاج إلى حنان وحب الأم أكثر من أي وقت مضى.
كانت دائما قاسية معي لم تحضني أبدا، بل كانت تختلق المشاكل وأحيانا تحرّض أبي لينال منّي بالضرب، رغم أني خلوقة ومؤدبة، فمثلا عندما كنت في سن 15 وبدأت أصلي من تلقاء نفسي، كانت تضايقني عندما تراني أفعل ذلك، لأنّي في نظرها أضيّع الوقت كي لا أقوم بالأعمال المنزلية، مما دفعني إلى الصلاة خفية. كنت لا أشعر أنّها تحبني لا أحس أنّها منحتني وعلمتني شيئا إيجابيا في حياتي.
ومرت السنوات وأنا في نفس الدّوامة، بل تفاقمت المشاكل الأسرية، عندما بدأت أكبر قررت ارتداء الحجاب ومررت باضطهاد من أمي، لأنّها كانت تمانع، كانت تدعوني لعدم ارتدائه، فكنت أحاول التودد لها حتى أكسب عطفها، لكن سرعان ما تعود لحالتها.
لا أخفي عليك سيدني نور، أن والدتي كانت تصطحبني عند المشعوذين، من أجل التعجيل بزواجي، وذلك ليس حبا وإنّما لتتخلص منّي، فتدهورت حالتي النفسية، خصوصا عندما أسمع كلاما من أقرب الناس ونعتهم لي بالعانس، بل أكثر من ذلك إهانة والدتي لي أمام الضيوف.
لقد مررت بمرحلة نفسية عصيبة وصلت فيها إلى حد اليأس، بسبب الإحباط الناتج عن معتقدات والدتي، بأني مسحورة ولن أتزوج أبدا ولن أحصل على عمل مرة أخرى بعدما كنت عاملة، شعرت أن كل الأبواب موصدة في وجهي، حياتي التعيسة جعلتني أفكر في الإنتحار، لكني خشيت ربي ولم أفعل ذلك، إني يا سيدة نور، أريد مرضاة الله والوالدين، لكني لا أعرف السبيل لذلك.
نجمة/ سكيكدة
الرد:
عزيزتي إن الوالدة بتصرفاتها، كانت تريد الخير لك، لكنها أخطأت الطريق كحال بعض الآباء والأمهات، فأرجو أن تلتمسي لها العذر.
واعلمي أن ما حدث منها لا يبيح لك التقصير في حقها، كما أن معاملتها السيئة لا تجيز لك الإساءة إليها والتقصير في حقها، والأولى من ذلك أن تصبري وتتوددي إليها، لعل الله أن يلين قلبها وتحسن معاملتها لك، فبرّ الوالدين عبادة يؤجر عليها الإنسان، لا المعاملة بالمثل.
عزيزتي لقد هداك الله للصلاة والحجاب دون توجيه، بل وأكرمك بعدم الذّهاب إلى السّحرة والمشعوذين، كما هو حال كثير ممن يقسوا عليهم أهلهم ويحرموهم من جرعات العطف والحنان، فيضطرون للبحث عنها في الخارج، حيث قرناء السوء وشراك الفساد.
وعليك باللّجوء إلى الحيلة في معارضة الوالدة فيما تدعوك له مما يغضب الله تعالى.
وقبل أن أختم كلامي أود أن تعلمي أن الإنسان الذي يكثر من النظر إلى اللحظات الجميلة في حياته، وينظر للمستقبل بروح جديدة وأمل جديد، ويجتهد في عبادة ربه ويحرص على مرضاته، هو في حفظ الله ورعايته، والله لن يعجز أن يعطيه ما يتمناه ويِؤمله، كان الله معك وسدد خطاك إلى ما فيه الخير والصّلاح.