استطاعت العديد من سيدات الأعمال والنساء المُقاولات بالمغرب فرض ذواتهن وحفر أسمائهن بقوة في مجال المال والأعمال، ورسمن لأنفسهن طريقاً لامعاً داخل المشهد الاقتصادي بالمغرب.
وصارت نساء الأعمال المغربيات ينافسن بكل جدارة واستحقاق رجال الأعمال، وشركاتهن تضاهي شركات ومقاولات الرجال في شتى الميادين والمشاريع التجارية والصناعية، الشيء الذي جعل من بعضهن يحصلن على اعترافات دولية بمنجزاتهن الاقتصادية.
وبحسب بعض الإحصائيات، حوالي 60% من سيدات الأعمال بالمغرب يمتلكن مستوى ثقافياً عالياً ويحظين بتكوين دراسي جامعي، ومنهن من تمَّ اختيارها ضمن قائمة نساء الأعمال الأكثر نفوذاً وتأثيراً في العالم العربي.
عصاميات ووارثات
ولا توجد معطيات أو إحصائيات رسمية ولا حتى غير رسمية تشير إلى ثروات سيدات الأعمال بالمغرب، بخلاف الأرقام التي تتحدث عن حجم ثروات سيدات الأعمال في بعض بلدان الخليج.
لكن الشيء الأكيد، بالرغم من هذا النقص في المعطيات، أن سيدات الأعمال بالمغرب استطعن جمع ثروات مالية محترمة من أرباح أنشطتهن التجارية والاقتصادية، سواء بالبدء من الصفر أو بالاعتماد على ثروات أزواجهن أو آبائهن.
ومن أبرز أسماء سيدات الأعمال المغربيات اللواتي حققن النجاح في مسارهن: مريم بن صالح وخالدة أزبان وسعيدة العمراني وسلوى بلقزيز وثريا البدراوي وخديجة دكالي، وغيرهن كثيرات.
وتوجد سيدة الأعمال القوية مريم بنصالح، في عقدها الرابع، على رأس أكبر شركة للمياه المعدنية بالمغرب (شركة والماس)، وتشغل عدة مناصب في مؤسسات وجمعيات مختلفة، وهي أيضا عضوٌ بملتقى دافوس الاقتصادي، وعضو بالمجلس العربي للأعمال.
وسبق لمجلة "فوربس"، المختصة في الأعمال وأثرياء العالم، أن صنفت هذه المرأة التي تهوى ركوب الخيل بين خمسين من نساء الأعمال في العالم العربي، وذلك بفضل قدرتها الفائقة على تدبير وتسيير المقاولات.
وورثت مريم بنصالح ـ رفقة أخيها محمد بنصالح ـ ثروة متوسطة في مجال الاستثمار في قطاع التأمينات وإنتاج المياه المعدنية الشهيرة "والماس"، ليتم تحويلها بعد وفاة والدها إلى الاستثمار في قطاعات تدبيرية وإنتاجية كبيرة ومتطورة.
أما سيدة الأعمال سعيدة العمراني ابنة الملياردير المغربي المعروف كريم العمراني فقد أسست مجدها المالي على أكتاف إمبراطورية والدها التي وسعتها بفضل حنكتها ومهاراتها العالية، حيث أضحت تسير أغلب شركات أبيها وباتت رئيسة لمجموعات اقتصادية هامة وهي "هولدينغ سفاري" و "صوفيبار" و"كوفيمار".
وتوجد سعيدة على رأس شركة "سميا" المتخصصة في استيراد وتسويق أشهر أنواع السيارات الفخمة والتي لا يقتنيها سوى الأثرياء، ومنها سيارات "رولز رويس" الشبح و "لاند روفر" و "بي ام دبليو"، ولا تقف كل هذه المسؤوليات في وجهها لتكون أيضا عضوا في بعض الأنشطة الاجتماعية و"الخيرية".
ملكات العطور والعقار
أما خالدة أزبان ـ الملقبة بملكة العطور ـ فقد استطاعت حفر اسمها العائلي في قنينات العطور، وتمكنت شركتها العملاقة ـ المتخصصة في إنتاج وتسويق العطور ومستحضرات التجميل والنكهات الغذائية ـ من أن تحتل مراكز الصدارة في السوق المحلية، وفي أسواق المغرب العربي والشرق الأوسط وحتى في بلدان أوروبا.
وتقول أزبان إن سر نجاحها في تسيير شركتها يعود إلى عنصرين رئيسيين تعلمتهما من والدها الذي أسس مجموعة أزبان، وهما: العمل الجاد والصرامة، وبهما استطاعت أن توصل شركتها إلى مصاف العالمية.
وبالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالعديد من الشركات والمصانع، فإن شركة أزبان تمكنت من تحقيق نمو مضطرد ورقم معاملات ناهز 15% خلال السنة المنصرمة.
من جهة أخرى، تعتبر سلوى بلقزيز من نساء الأعمال المثقفات اللواتي نلن شهادات علمية هامة، فقد استكملت دراساتها العليا في مجال المعلوماتية وحصلت على دبلوم الدراسات المعمقة في اختصاص قواعد المعلومات بفرنسا، بموازاة اشتغالها كمحللة مبرمجة لدى شركة «أوروسوفت».
ولعل أبرز حدث في الحياة العملية لهذه السيدة حصولها على جائزة سيدة أعمال سنة 2001 لمجموعة "الإكسبرس الدولية"، ووشحها المسؤولون الفرنسيون عام 2005 بوسام الاستحقاق الوطني الفرنسي لدورها في تعزيز العلاقات المغربية الفرنسية، ومنحها الملك محمد السادس وسام العرش من درجة فارس لمجهوداتها في دعم قطاع الأعمال النسائي بالمغرب.
مؤهلات تعليمية
وبحسب دراسة لجمعية النساء رئيسات المقاولات بالمغرب، فإن 66% من صاحبات المقاولات وسيدات الأعمال بالمغرب يسيِّرن مقاولات ساهمن بقسط في رأسمالها، وزهاء 25% فقط لا تتوفرن على أي سهم في المقاولات التي تسهرن على تسييرها.
وأفادت الدراسة أيضا أن ثلثي النساء المقاولات لهن تجربة مسبقة تعود بنسبة 51% للقطاع الخاص، حيث زاولن وظيفة مديرة أو خبيرة بنسبة 8% في القطاع العمومي، فيما شكلت المهن الحرة 3%.
وبالنسبة للتأهيل والخبرة، فقد كشفت نفس الدراسة أن 60% ممن استجوبن حاصلات على تأهيل جامعي, و28% حصلن على دبلوم بإحدى مدارس التجارة و5% من ذوات التعليم التقني، أما النساء اللواتي يرأسن مؤسسات صغرى في مجال التجارة والصناعة التقليدية فتعليمهن يبقى متواضعاً.
وفي ما يخص توزيع القطاعات، فحوالي 36% من النساء المقاولات يعملن في قطاع الخدمات و33% يشتغلن في القطاع التجاري، في ما لا تتعدى نسبتهن في القطاع الصناعي 22%.
أما من حيث طبيعة المقاولات التي تديرها النساء، فقد أبرزت الدراسة أن 57% من الشركات ذات المسؤولية المحدودة و28% من الشركات الذاتية و10% من الشركات المجهولة الاسم، ويتراوح أقل عدد للعاملين بهذه المقاولات ما بين 5 و100 عامل.
العربية نت