كانت له في ريـاض النجـم أغنيـة
تسقي الورى من رحيق الدفء والسحْرِ
وتنشر الوحي في كل الـدروب سنـا
وتغرق الشمس في الألـوان والعِطْـرِ
تجتاز كل بحار الريـح فـي ضـرم
وترتـدي صحـوة الأنسـام والقطـرِ
تروي الحكايات للأكوان فـي صخـب
فيورق الضوء حلمـا رائـع البشـر
تشدو طيوف المنـى جذلـى بهالتهـا
تزهو بألحانها كـل الربـى الخُضِـر
كم من أما ن بروح الليل قد زرعـت
تمحو به صولة الأحزان فـي العمْـرِ
كم احتسى الشاعر الغريد مـن أمـل
من مقلتيهـا بـلا خـوف ولا عسْـرِ
تمضي به لجـة الأنـوار فـي ثقـة
وينبري صاعدا في المَهْمَـه ِالوعْـرِ
* * *
وذات يـوم وكـان الحلـم منتشـيـا
يغـازل الـورد فـي حديقـة الفجـرِ
لاحت علـى سكـة الأفـلاك مركبـة
تجول في زحمة الأرواح فـي سكْـرِ
وكان نعش القَصيـدِ فـوق صهوتهـا
يهمي عبيرا كئيـب النفـح والنشْـرِ
وأدرك الشاعـر الحـزيـن كربـتـه
لما رأى موكب الأنغـام فـي ضـرِ
تراقصت موجـات النـار وانتشـرت
من لحظه تبتغي دربـا إلـى النحْـرِ
فظل يشكـو لـروح الصبـح محنتـه
وينشر الشجـو فـي آذانـه الكثـرِ :
ذبحت في وقـدة الأوهـام أحصنتـي
حطمت مركبتـي فـي مأثـم البـدرِ
أطفأت أجفان شمسـي والدنـا ظلَـمٌ
صارت جيوشي دُمَىً مهزومة الأمـرِ
وأدت في عثْمـة الأصـداء أغنيتـي
وصار مبسم وحيـي محكـم الأسْـرِ
ّّّ
مضى جناح اللظى باللحن نحو مـدىً
تغفو بـه خافقـات الهـم فـي وِتْـرِ
ظلت ظلال المنى في الافـق جامـدة
تحكي غروب الشذى في مقلة الزهـر ِ
وذات صبـح وجفـن الليـل مبتسـم
وعبقـه يـرتـدي حـلـة البِـشـرِ
مالت علـى هـدأة الأشـذاء أغنيتـة
تسامق الضوء والألـوان فـي خَفْـرِ
وتجتبي صفـوة الأنغـام فـي ألـق
تقاوم الصمت والأحزان فـي يسـر ِ
عادت إلى دوحة الأنسـام صحوتهـا
وانداح نفح السنـا فـي رقـة تغـري
قد عـاد للشاعـر المفجـوع كوكبـه
لاحت شموس المنى في محنة الشعـرِ
[